الكاتب الصحفي / أحمد یحیاوي
” سبحان الله ما أشبه اللیلة بالبارحة : تناقضات القیم الإنسانیة ” في زمن الحرب وفي خضم النزاعات المسلحة والمآسي الإنسانیة ، یتكررالمشھد باستمرار ، وتتكرر التصریحات التي تحمل في طیاتھا تناقضات صارخة .
ففي تصریح لوزیر الصحة الإسرائیلي حول قصف إیران لمحیط مستشفى سوروكا ، وصف الھجوم بأنه جریمة حرب ، مشيرًا إلى استھداف المدنیین والطواقم الطبیة بشكل متعمد .
ومع ھذا ، یخفق في تذكر ممارسات حكومته تجاه الفلسطینیین ، خاصة في غزة حیث تم قصف وتدمیر أكثر من عشر مستشفیات ؛ فأین ھي القیم الإنسانیة في ھذا التناقض؟ إن الحدیث عن حقوق الإنسان وحمایتھا یجب أن یكون متسقا ویعبر عن القیم الإنسانية التي تعلي من شأن الإنسان بغض النظر عن انتمائه الدیني أو العرقي لكن ما نراه من تصریحات تثیر الاستغراب والدھشة ، كقرار وزیر الصحة الإسرائیلي ، الذي یبدو أنه أوعز إلى ذاكرته اختزال الأحداث التي جرت في البعد الفلسطیني .
فمنذ بدایة العدوان الإسرائیلي على غزة ، فقدت المجتمعات الصحیة ھناك أكثر من 990 كادرا طبيًا ناھیك عن الممرضات والممرضین والمتطوعین والذین یمدون ید العون والمساعدة لنقل الجثث والجرحى ، وتدمیر أكثر 130 سیارة إسعاف ، نجد أنفسنا أمام تجربة إنسانیة محطمة.
ھذه الأرقام لا تعبر فقط عن فقدان الكوادر الطبیة ، بل تعبر عن موت الضمیر وتعكس مأساة إنسانیة كبرى، فآلاف القتلى والجرحى من الأطفال والنساء والشیوخ ھم ناتج لعملیات قصف ھمجیة متوحشة جعلت ما تبقى منھم یعیشون تحت الخیام وبالرغم من ذلك لم یسلموا بل یلاحقھم القصف الھمجي اینما حلوا وارتحلوا ..
وجعلوا لهم فخاخ بداعي اماكن مخصصة لتوزيع المساعدات الغذائية ، ليتجمعوا حولها ليصتادوا بها اطفال ونساء وعجائز غزة ويقتلونهم شر قتلة بعد أن دمرت منازلھم ، دون أي اعتبار لأرواحھم ، التي یفترض أن تكون غالیة وتستحق الحمایة. في زمن الحروب ، یتحول التبریر إلى سلاح ، ویتجلى الاستھداف المتعمد للمدنیین دون رحمة ولا إنسانیة ، مما یفضح ازدواجیة المعاییر.
إذ كیف یمكن لوزیر الصحة الإسرئیلي أن یتحدث عن مسؤولیات تجاه المدنیین في وقت تحرم فیه حكومته الغزاویین من أبسط حقوقھم في الحیاة؟ والتنظيمية العربية الخائنة البائسة بالوانها يحملون المسؤولية حماس التي تدافع عن ارضها وعرضها!؟ عجیب والله !!.. یبدو أن أرواح الفلسطینیین لیست لھا قیمة تذكر في نظر المسؤولین الصھاینة وازلامهم العرب ، وھو أمر یجرح الضمیر الإنساني الذي تمت میتة.
إن العاقل من یتعلم من الدروس ویعمل على تجنب الأخطاء التاریخیة التي أدت إلى مآسي مؤلمة.
نحن نشاھد عندما یتعلق الأمر بالنزاع الإسرائیلي الفلسطیني نجد أن الھوة تتسع بسبب الاستغلال السیاسي للصراع ، الأمر الذي یعمق آلام المتضررین ویفقدھم حیاتھم وآمال الغد .
إن الأخیر یتطلب من المجتمع الدولي والقوى الإنسانیة التحرك بسرعة وبكل قوة من أجل إیقاف ھذا العدوان الغاشم المستمر في قتل المزید من المدنیین الأبریاء یومیا وإنشاء آلیات حقیقیة لحمایتھم من التصفیة العرقیة ، والعمل على رفع الغطاء عن الانتھاكات.
فالعالم بحاجة لأن یتسم بالعدل والمساواة ، وأن یقف في وجه أي انتھاكات إنسانیة تحدث من قبل الأطراف المتنازعة. إن تكرار سیناریو القتل والتدمیر لن یحقق السلام، بل سیوسع الفجوة ویعمق الكراھیة بین الشعوب.
من الضروري أیضًا أن یتم إدراك أن استھداف المنشآت الطبیة والطواقم الطبیة والصحفيين لیس مجرد اعتداء على المباني والأفراد ، بل ھو اعتداء سافرعلى القیم الإنسانیة الأساسیة.
فعندما یمنع الأطباء من أداء واجبھم ، أو یستھدفون أثناء محاولتھم إنقاذ حیاة الجرحى فإن الخسارة لا تقتصر على الأرواح فحسب ، بل تمتد إلى كل ما یمثله الطب من رحمة وعطاء إنساني.
لكل إنسان الحق في الحیاة ، ولا ینبغي بأي حال من الأحوال أن تكون ھذه الحقوق مسألة جدل أو مقایضة .
إن حق كل طفل وامرأة وشاب في العیش بسلام وأمان ھو حق مقدس ولا یجوز التنازل عنه تحت أي ظرف كان.
فأين المجتمع الدولي من ھذا ؟ وأین العدالة وحقوق الإنسان التي تتشندق بھا بعض الدول؟ بالرغم من أننا نعرف أن الحق والقانون أصبح للأقوى ولا مكان للمستضعفین في الأرض .