

وفي الإعلام، يُعَدُّ إنجاز الماكيت من *الأبجديات* التي يتعلّمها الطالب في مراحله الأولى بدروس الصحافة والإعلام،غير أنّنا بالكاد نصادف طلبة يمتلكون الرصيد الكافي من المصطلحات الضرورية لتوحيد العمل.
ومع انتشار الذكاء الاصطناعي، ظهر تداخل بين المفاهيم الإعلامية والتقنية، الأمر الذي أربك العلوم الإنسانية بتشعّب المصطلحات.
وهذا ما يجعل من الضروري مراجعتها، حتى من طرف الذكاء الاصطناعي ذاته، لأنّ كثيرًا منها بحاجة إلى تدقيق وضبط. إنّ تأخّر إدماج الإعلامي في بيئة الذكاء الاصطناعي ـ باعتباره منظومة تقنية إعلامية ـ جعل من اللازم على كلٍّ من الإعلامي والتقني الاطلاع على أساسيات التخصّص الآخر لاستكمال الإطار المفاهيمي للعمل.
فالمهتمون بحاجة إلى معرفة مراحل إنجاز الماكيت، التي سبق أن شرحها التقنيون ضمن واجهة العرض التقنية،من هنا، يصبح الاهتمام بالماكيت عملًا أساسيًا لصاحب المؤسسة الإعلامية، إذ يخضع ذلك للقوانين المنظمة، وعلى رأسها قانون السمعي البصري وقانون الإعلام.
فهي تشريعات حديثة تتيح لأيّ متكفّل بمنهجية إعلامية تأسيس وسيلة، شرط احترام الأطر القانونية. ينبغي للإعلامي أن يتقوّى بفهم آليات الذكاء الاصطناعي (مثل ChatGPT) ويستوعب آلية عمله، لأنّ ذلك يجعله قادرًا على استثمار هذه الأدوات بشكل جيد في المجال الإعلامي.
فـ ChatGPT، مثلًا، يساعد في:* تحرير القوالب الفنية الإعلامي،* انتقاء الأخبار المهمة والبرقيات السريع، الوصول إلى المعلومات من مختلف المواقع والمجلات الإلكترونية،بعد ذلك يتدخل العقل البشري للتحقق من دقّة الأخبار وصحتها، لأنّ الذكاء الاصطناعي لا يُغني عن الحكم الإنساني النهائي.
أما من الناحية العملية، فإنّ إخراج الماكيت يتطلّب من العارض الإعلامي ـ سواء كان سكرتير تحرير أو صحفيًا مختصًا ـ
أن يستفيد من الأدوات الحديثة. فباستخدام *DALL-E* يمكن تصميم صور مرافقة للأخبار، مع إضافات بصرية كانت سابقًا حكرًا على المجلات الكبرى.
كما يستطيع المصمّم تقييم جودة الصور عبر الاستعانة بـ ChatGPT ثم إعادة دمجها أو تعديلها باستعمال برامج مثل *InDesign* أو *Canva* أو *Figma*.
ويمكن كذلك الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في اختيار الشعارات والعناوين، لكن مع الانتباه إلى حقوق الملكية الفكرية لتجنّب المساءلات القانونية.
أمّا الألوان فهي من المهام السهلة التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي، غير أنّ الذوق البشري يبقى الحكم الأخير في تحديد الجمالية.
وأخيرًا، فإنّ الماكيت لا يُعدّ ناجحًا إلا إذا خضع للمراجعة من مختلف مستويات التحرير: سكرتير، رئيس تحرير، أو صحفي متخصص.
فالواجهة النهائية التي يطّلع عليها الجمهور تُعَدُّ مسؤولية اجتماعية، لأنها تعبّر عن هوية المؤسسة الإعلامية وتخضع لضوابط مهنية صارمة، وأيّ خطأ في الإخراج قد يفتح الباب أمام التأويل الخاطئ.