بقلم : بوخنفوف منال
انتهت أجواء العطلة الصيفية، لتليها لحظة طال انتظارها: الالتحاق بالمؤسسات التربوية.
تلميذ ارتقى إلى السنة الموالية، وآخر انتقل إلى مستوى أعلى، فيما وطئت أقدام صغيرة عتبة المدرسة لأول مرة.
وبين حماس العودة إلى مقاعد الدراسة، برزت أمام الجميع معضلة الاكتظاظ داخل الأقسام، حيث يضم القسم الواحد ما بين 40 و50 تلميذاً.
فهل يخدم هذا الاكتظاظ التلميذ والمعلم معاً، أم يتحول إلى عائق آخر يهدد نجاح كليهما؟ هكذا تتحول فرحة العودة سريعًا إلى تساؤلات ملحّة حول آثار هذا الاكتظاظ على التلميذ والمعلم.
فالأقسام مكتظة على آخرها، أي فوق المعدل المخصص، إذ نجد في المدن الكبرى وخاصة الأحياء الشعبية أقساماً تضم أكثر من خمسين تلميذاً، في حين تشهد القرى والمداشر اكتظاظاً أقل نسبياً، لكنه يصل أحياناً إلى 35 تلميذاً في القسم الواحد.
هذه الوضعية أثارت غضب الأولياء واستياءً واسعاً بين المعلمين.
ويُجمع كثيرون على أن الاكتظاظ يؤدي إلى ضعف التحصيل العلمي، وصعوبة متابعة الفروقات الفردية بين التلاميذ، إضافة إلى تراجع التفاعل داخل القسم واستحالة تطبيق الأساليب التربوية الحديثة.
المعلم بدوره يجد نفسه أمام ضغط كبير، يفقد معه التركيز ويعاني حتى من ضبط النظام داخل القسم. وهو ما ينعكس سلباً على جودة التعليم بصفة عامة.
أسباب هذه الأزمة واضحة:
نقص في عدد المؤسسات التعليمية، قلة الموارد البشرية، مقابل نمو ديمغرافي غير متوازن مع البنية التحتية.
إنها معادلة صعبة تجعل المدرسة عاجزة عن أداء رسالتها كما يجب.
وللحد من هذه الظاهرة التي تؤرق المعلمين والأولياء على حد سواء، لا بد من بناء مدارس جديدة وتوسيع الطاقم التربوي، خاصة مع ارتفاع أعداد خريجي الجامعات القابعين بلا عمل.
كما يمكن إقامة شراكات بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتخفيف الضغط وتحسين ظروف التمدرس.
إن الاكتظاظ ليس مجرد أرقام أو إحصاءات نمر عليها مرور الكرام، بل هو قضية تمسّ مستقبل الأجيال.
لذلك وجب التعامل معها كأولوية وطنية قصوى.
فلا يُعقل أن يضيع حق تلميذ في أن يُرى ويُسمع بين مقعد ضيق وصوت خافت.