لرحاب الجزائر من المنيعة : يوسف بودراع
بولاية المنيعة المقاربة التربوية لأمن الطرق: المدرسة الابتدائية “الشهيد بضياف محمد” تحصّن تلاميذها ضد حوادث المرور استثمار في الأجيال:
كيف تحولت المدرسة إلى خندق أمان للسلامة المرورية؟
مع دقات الأجراس إيذانًا بانطلاق الموسم الدراسي 2025/2026، لم تقتصر الاستعدادات في ولاية المنيعة على تجهيز الأقسام والمقررات فحسب، بل امتدت لتشمل خطة تحصين وقائية مكثفة تهدف إلى حماية أغلى ما تملك الولاية: التلاميذ.
المبادرة، التي أطلقتها المندوبية الولائية للأمن في الطرق، وتحوّلت بموجبها المدرسة الابتدائية “الشهيد بضياف محمد” إلى ورشة ميدانية، تعكس تحولاً نوعيًا في التعاطي مع ملف حوادث المرور، حيث تم اعتماد المدرسة كقاعدة انطلاق لترسيخ الثقافة المرورية.
تعبئة شاملة وإجماع مؤسساتي لم تكن هذه الحملة مجرد نشاط روتيني، بل كانت بمثابة تعبئة وطنية مصغرة على المستوى المحلي.
وقد أكد مدير التقنين والشؤون العامة، حملاوي يعقوب، في كلمته نيابة عن والي الولاية، بن مالك مختار، أن أمن التلاميذ هو “ثروة الوطن ورهانه المستقبلي”، مشدداً على ضرورة تكاتف المجتمع لإنجاح هذه الجهود.
ما يثير الانتباه هو التكامل بين الأجهزة الأمنية والمدنية: الشرطة، الدرك الوطني، الحماية المدنية، الكشافة الإسلامية، والهلال الأحمر الجزائري، جميعها كانت حاضرة بفاعلية.
هذا التنسيق غير المسبوق يرسل رسالة واضحة مفادها أن مواجهة “حرب الطرقات” تقتضي تضافر جهود الجميع، وأن الحماية لا تتوقف عند حدود التواجد الأمني فحسب.
من الفصل إلى الشارع: قوة المحاكاة العملية الجانب الأكثر إبهاراً في الحملة هو تحويل النظريات المرورية إلى سلوك عملي ملموس.
حيث قدّمت مصالح الأمن الوطني (شرطة المنيعة) والمندوبية الوطنية للأمن عبر الطرق محاكاة ميدانية لكيفية عبور الطريق، مستخدمين مضماراً مصغراً لتعليم السياقة.
هذا المنهج المبتكر يضمن أن يستوعب التلميذ قواعد السلامة بـ “التجربة” لا بـ “التلقين“، وهو ما وصفه ممثل الشرطة بأنه “استثمار في أجيال المستقبل”.
وقد ارتفعت أهمية هذه الأنشطة تحديدًا في مدرسة “الشهيد بضياف محمد” التي تقع على مقربة من الطريق الوطني الحيوي، مما يجعل أمن تلاميذها تحديًا مضاعفًا.
ممثل الدرك الوطني أكد أن الجهاز يركز على التواجد المكثف في محيط هذه المدارس، مشدداً على أن حماية الأطفال هي “واجب وطني قبل أن يكون مهنياً“.
المجتمع المدني شريك أساسي لا يمكن إغفال الدور الفاعل للمجتمع المدني ممثلاً في الاتحاد الوطني للسلامة المرورية للأمن والمواطنة.
السيدة مريم فهدي، رئيسة المكتب الولائي للاتحاد، أشارت إلى أن دورهم يكمل عمل المؤسسات الرسمية من خلال نشر ثقافة المواطنة والسلامة، وتقديم الدعم التوعوي عبر الكتيبات والمبادرات التطوعية.
هذا التناغم بين الأطر الرسمية والجمعياتي يعكس قناعة بأن التربية المرورية يجب أن تتحول إلى سلوك يومي طبيعي وراسخ، وليست مجرد فقرة في مقرر دراسي أو نشاط موسمي.
فـ “الحد من حوادث المرور يتطلب عملاً مستداماً ومتواصلاً”، كما صرّح به المندوب الولائي للأمن في الطرق.
في نهاية المطاف، تعلن المنيعة بهذه الحملة أن سلامة التلميذ على الطريق ليست مجرد هدف، بل هي أولوية وطنية تُترجم عبر استراتيجية تربوية وقائية تستخدم قوة الميدان والتعاون المؤسساتي لتحصين الجيل الصاعد ضد أخطر الآفات الاجتماعية.










































