بقلم : بوخنفوف منال
القانون بصفة عامة هو مجموعة من القواعد العامة والمجردة التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمع، وتسعى إلى تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات.
وانطلاقًا من هذه الغاية، نجد أن مضامينه حاضرة ضمن المواد التي تُدرّس لأبنائنا من الابتدائي إلى المتوسط، وصولًا إلى الثانوي، تحت مسمى “مادة التربية المدنية“.
فهذه الأخيرة تركز في مضمونها على تنمية الفرد ليصبح مواطنًا صالحًا وواعيًا بحقوقه وواجباته، وعليه فكل من القانون والتربية المدنية يهدفان إلى ترسيخ النظام والعدالة في المجتمع.
إذن: لماذا لا يُعترف رسميًا بخريجي الحقوق كمؤهلين لتدريس هذه المادة؟ التربية المدنية هي مادة من المواد المبرمجة في الطور المتوسط، يشرف على تدريسها أستاذ التاريخ والجغرافيا، ولو أنها ذات طابع تربوي، إلا أنها تقوم على مبادئ الدستور والمواطنة وسيادة القانون.
الأمر الذي يُظهر بأن جوهرها ذو امتداد طبيعي لتكوين خريجي العلوم القانونية والإدارية بصفة عامة، والحقوق خاصة، لا خريجي العلوم الإنسانية والاجتماعية.
إلا أن القوانين الحالية للتوظيف في قطاع التربية تُقصي خريجي الحقوق من هذه المادة، رغم ما جاء به التعديل الأخير الذي أجراه وزير التربية والتعليم السيد محمد الصغير سعداوي على قرار 2016 المتعلق بالشهادات، والذي نصّ على “إسناد كل مادة تعليمية لأستاذ متخصص يحمل شهادة جامعية في نفس التخصص”.
غير أن هذا القرار تم حصره في خريجي علوم التربية أو الشريعة أحيانًا، ولم يشر إلى خريجي الحقوق، سواء حملة الليسانس في تدريس مادة التربية المدنية في المتوسط، أو حملة الماستر في تدريس مادة القانون في الثانوي كأهل اختصاص.
وهذا ما قد يحرم المنظومة التربوية من كفاءات قانونية يمكن أن تثري المناهج، ناهيك عن شعور الإقصاء لدى حملة الحقوق رغم توافق تخصصهم مع مضمون المادة.
وانطلاقًا من الهدف الذي رسمه السيد وزير التربية لضمان جودة التعليم داخل المؤسسات التربوية والارتقاء بالمستوى التعليمي وتحقيق العدالة في التوظيف، وجب بالضرورة مراجعة تصنيف المواد الدراسية لتشمل أصحاب التخصصات الأقرب مضمونا، وإدماج خريجي الحقوق في قطاع التعليم.
خريجو الحقوق أكثر كفاءة من غيرهم لتدريس مادتي التربية المدنية والقانون، كونهم تلقّوا تكوينًا كافيًا في الجامعات، كما يقول المثل الشعبي: «أهل مكة أدرى بشعابها»، وهذا قد يساهم أيضًا في بناء جيل يعرف حدوده وحقوقه.
واليوم خريجو الحقوق على صوت رجل واحد يطالبون بإنصافهم والاعتراف الرسمي بهذا التكامل الأكاديمي، وجعلهم أساتذة على رأس مادة مضامينها من صميم تخصصهم.
فحين يغيب الاعتراف لا يغيب الارتباط، فالحقوق والتربية المدنية وجهان لعملة المواطنة الصالحة.