هناك قول مأثور بأن الصحافة هي مهنة المتاعب ، نظرا لأن الصحفي كان صوت الشعب أمام المسئولين، والرقيب الأول على قرارات وتحركات المسئولين .
أما اليوم فقد تحول الصحفي إلى شخص غير مرغوب فيه على مكاتب المسئولين، لأنه يجلب المتاعب لهم ، والمسئول لا يريد لأحد أن يعلم الحقيقة أو أن يحاسبه الشعب على تصرفاته، فيهرب المسئول من الصحفي بحجج كثيرة، المهم ألا يعرف الصحفي أي شيء، سواء خطط العمل أو القرارات أو أي معلومة عن المؤسسة التي يتبعها المسئول ..
وأصبح ينظر للصحفي على أنه دخيل ومتطفل، وهذا ما يجعل الصحفي – في رحلة بحثه عن الحقيقة – يبحث عن مصادر متعددة ومختلفة لكي يصل إلى صدق الخبر أو الموضوع، مما قد يوقع الصحفي أحيانا في نشر معلومات خاطئة أو منقوصة والسبب هو أن المسئول رفض منح الصحفي حقه في المعلومات، التي هي حق أصل للصحافة وللشعب أيضا ..
وقد وصل الأمر إلى ما هو أسوأ من ذلك ، فبعض الصحفيين يتقربون من مكاتب المسئولين لكي يضمنوا وصول الأخبار إليهم، مما يجعل الصحفي مضطرا لأن يكتب الأخبار الجيدة – من وجهة نظر المسئول طبعا– ولو حدث أن التزم الصحفي الحياد في نشر الأخبار كلها بنفس الموضوعية ، قد لا يعجب هذا المسئول فيتصل بالصحفي ويتحدث في محاولة لإستمالته وكأن الصحفي يشتغل عند هذا المسئول .. بعض المسئولون هم سبب كوارث المجتمع لأنهم لا يريدون للحقيقة أن تكون ملكا للشعب، يريدون فقط التلميع والتأييد، وبالطبع لن يقبل جموع الصحفيين هذا المبدأ المختل… فالصحافة ستظل هي صوت الوطن والشعب وضمير الأمة مهما كره الكارهون .
ومهما حدث من تصرفات غير مسئولة من بعض المسئولين فلن تتراجع الصحافة كمهنة ولا الصحفي كضمير للأمة عن دوره في الكشف الحقيقة ، كما أنه لا يتردد في بيان أو إظهار الايجابيات التي تحدث.
إن الصحفي سيظل صحفيا يعمل ويجتهد ويراقب ويكتب، أما المسئول فلن يجلس كثيرا على كرسي القيادة، سيرحل ويأتي غيره، ويبقي الصحفي جالسا على عرشه الذي اكتسبه من مصداقيته أمام الناس، فالكراسي لا تدوم وانما محبة الناس والصدق معهم هي التي تدوم حتى بعد رحيل الصحفي ..
وليدرك كل مسئول وخصوصا محليا أي فيولاية الجلفةأن الصحفي سيظل صحفيا يعمل ويجتهد و أن تلك المهنة العظيمة كانت هي عنوان الحقيقة في العالم كله طوال القرن العشرين و حتي اليوم، وأن الصحفي كان يقيل وزارة كاملة ، وكم من صحفيين كانوا سببا في وضع مسئولين خلف قضبان السجن، وكم من صحفيين كانوا سببا في وضع مسئولين في صدر منصات التاريخ .
إن الصحافة يا سادة هي أشرف وأنبل و أعظم مهنة في التاريخ، لأنها ضمير حي تنطق به حروف الكلمات المطبوعة والأوراق التي تنتقل بيد يدي ملايين القراء ، إنها السلطة الرابعة وإنها صاحبة الجلالة ، والقيمة التاريخية التي لا يمكن تجاهلها أو إنكارها .. ويحكي التاريخ عن مسئولين تجاهلوا دور الصحفي وقيمة الصحافة وكان هذا التجاهل سببا في نسيان التاريخ القريب لهم .. لسبب بسيط .. أن معاداة الصحافة والتعامل بخوف من الصحفي لا يعني سوي أن هذا المسئول أو ذاك يفعل شيئا خاطئا ويخشي أن يعلمه الناس.. فلا يخاف من الصحفي سوي كل من يرتكب جريمة في حق الوطن …
أتمنى أن يتعلم الجميع الدرس ويدركوا أنه لا أحد يستطيع التعالي على الصحافة، لأنه تعالي على الشعب في معناه ومضمونه..